مقال متميز

الإصرار يصنع الأبطال قصة إياد الذى لم يتجاوز الثمانية أعوام و لكنه حقق نجاحات رياضية كبيرة

إقرأ المزيد آخر تحديث: فبراير 2020
Nahla Karam بواسطة Nahla Karam
مدة القراءة 4 دقيقة

رغم أن عمر إياد لا يتجاوز ثمانية أعوام، إلا أنك حين تراه وهو يدرب زملائه أثناء التمارين الرياضية، أو حين يسبح بسرعة ومهارة أو حين يركض لمسافات طويلة وكأنه في سباق، أو حين يلعب كرة القدم، فقد تتخيل أن عمره أكبر من ذلك بكثير ليتسع لكل هذه الخبرات والمهارات.

ومثلما يقولون إن القادة الحقيقيين أناس عاديون ولكن بعزيمة استثنائية. فيبدو أن هذا كان شعار إياد أيضًا منذ بداية رحلته مع السمع، حيث خطا خطوات كبيرة في عمر مبكر، واتخذ خطوات ثابتة نحو مستقبل مشرق وحياة مليئة بالإمكانات.

حياة مليئة بالإمكانيات - إياد المدرب الصغير

إياد طفل صغير و لكنه صاحب إمكانيات مدرب كبير حياة_مليئة_بالإمكانيات#

قائد صغير ومعلم للحياة

"يلا يا إياد..عاش" بهذه الكلمات الحماسية يُشجع محمود سمير مدرب الـ "كروس فيت" إياد، فمحمود ليس خال إياد فقط، لكنه معلمه وموجهه أيضًا، فهو أول من زرع بداخله حب الرياضة، وهو من يقف بجواره دائمًا ليعلمه كيف يقوم بالتمارين الرياضية بشكل صحيح، كما يحرص على قول كلمات مشجعة له دومًا ليحفزه على مواصلة التمرين، وبمجرد أن يسمع إياد صوته حتى يكمل بإصرار باقي التمرين.

كان محمود حريصًا على تشجيع إياد على دخول المجال الرياضي بمجرد أن يصبح في عمر يسمح له بممارسة الرياضة، فبدأ محمود مع إياد برياضة "الكروس فيت"، وأنشأ مجموعة من الأطفال هذه الرياضة التي تقوي اللياقة البدنية للجسم بدرجة كبيرة، وكان إياد من أوائل الأعضاء الذين انضموا لهذه المجموعة، وتمكن من تحقيق نتائج هائلة وأصبح من المتميزين في المجموعة.

ولم يكتفِ محمود بتعليم إياد الـ "كروس فيت" فقط، بل شجع إياد على ممارسة أكثر من رياضة تزيد من لياقته البدنية وثقته بنفسه، فاستغل فرصة سفر العائلة إلى رأس سدر، واصطحب إياد للسباحة للمرة الأولى، إلا أن إياد لم يحبها، وكان خائفًا جدًا من الماء، لكن محمود علم إياد يومها درسًا مهمًا في الحياة وهو أن يحول مخاوفه إلى قوة، وجعله يبدأ تدريبات سباحة مع مدرب، وواصل من يومها تمارين السباحة مع مدربه دون توقف، وبدأ يحب السباحة ويشعر أنه متميز بها، وأصبحت بمثابة إدمان بالنسبة له، فلا يفوت أبدًا تمرين سباحة، مما جعل أدائه يتحسن، وكلما تحسن أدائه أكثر كلما شعر بتميزه بين زملائه، مما زاد ثقته بنفسه بشكل كبير، وأصبح إياد يدرك جيدًا حبه للرياضة، وواصل تدريباته لكرة القدم والركض أيضًا.

ولم تساعد الرياضة إياد على الشعور بالتميز والفرادة وتعزيز الثقة لديه فقط، لكنها جعلته أيضًا قادرًا على قيادة وتدريب أطفال في عمره وأكبر منه، تمامًا مثلما كان ولا يزال محمود يفعل معه ذلك، ليسير القائد الصغير على خطى معلمه في الحياة.

نقطة ضعف تتحول لنقطة قوة

لم يساعد جهاز القوقعة إياد على التفوق الرياضي فحسب، لكنه ساعده أيضًا على التفوق في المجال العلمي والأكاديمي، فإياد في المدرسة طفل طبيعي قادر على التواصل مع الأطفال بشكل طبيعي، وقادر أيضًا على الوصول إلى مستوى عالِ من التحصيل الدراسي، كما أنه يشارك في الأنشطة المدرسية المختلفة التي تحتاج إلى الإلقاء واللغة.

ولأن جهاز القوقعة هو الذي ساعد إياد على السمع وعلى ممارسة كل ما يحب بشكل طبيعي، فقد أصبح إياد مرتبطًا جدًا بهذا الجهاز باعتباره مصدر قوته، إلا أن مصدر قوته هذا هو في الوقت نفسه نقطة ضعفه، فبدونه لا يشعر إياد بالقوة أو الثقة، مما يجعل لديه شعور دائم بالخوف من أن تنفذ بطارية الجهاز، وينطفىء مصدر قوته في أية لحظة.

ورغم ذلك فقد حول إياد هذا الخوف إلى عزيمة، وأصبح لديه مثابرة على التغلب على خوفه بأن يصبح أقوى وأكثر تركيزًا في مجالات عديدة، فإياد كان قادرًا على التغلب على ضعف السمع وحقق إنجازات عديدة وخطوات متقدمة، ولن يوقفه شيئًا الآن، فكل إنجاز ومهارة جديدة يتعلمها بمثابة سلم يصعد فوقه ناحية أهدافه متجاوزًا مخاوفه خلفه، فالحياة مليئة بالإمكانيات وإياد أيضًا يمتلىء بالطموح والإصرار، ولن توقفه مخاوفه عن اغتنام الفرص.

© MED-EL

فخر وسعادة

عندما علمت فاطمة والدة إياد أنه يعاني من ضعف السمع، أخبرها الأطباء أن عليها بعد زرع القوقعة لإياد أن تبذل معه مجهود خمسة أو ستة أطفال حتى يصبح طفلاً طبيعيًا، ويستفاد من زراعة القوقعة بشكل كامل، لذلك قررت أن تترك العمل لتتفرغ تمامًا لإياد، وتكون معه في كل خطوة خلال رحلة السمع، وتساعده على تحقيق النجاح في كل المجالات.

والآن بعد مرور نحو ست سنوات على ذلك تفخر فاطمة بقرارها وبنجاحها في أن يصبح إياد أكثر مما تمنته له يومًا : "أشعر بالفرح الشديد لأنني استطعت أن أجعل ابني يصل إلى هذا المستوى، فقد أصبح قادرًا على التعبير عن نفسه، وعلى ممارسة حياته بشكل طبيعي، ولا تزال الحياة أمامه بها فرص وأشياء كثيرة يمكن أن يشارك بها في المستقبل".

ومن ناحيته عبر خال إياد عن سعادته بما وصل له ابن اخته بعد أن بذل معه مجهودًا كبيرًا طوال سنوات ليخرج البطل من داخله قائلاً: "إياد الآن أصبح طفل طبيعي جدًا بعد أن أجرى عملية زراعة القوقعة، وبعد أن اكتسب مهارات عديدة، فأصبحت الحياة تفتح أبوابها أمامه بكل إمكانياتها".

عزيمة وإرادة قوية

مثلما قال الرسام والنحات الإسباني بابلو بيكاسو ذات مرة: "يستطيع من يعتقد أنه يستطيع، ولا يستطيع من يعتقد أنه لا يستطيع، فهذا قانون ثابت ولا جدال فيه"، ويعد إياد دليلاً حيًا على هذه المقولة، فقد آمن إياد أن بإمكانه تحقيق أي شيء طالما أنه يركز ذهنه عليه، وقد تمكن بالفعل بإرادته وإصراره من التغلب على فقدان السمع وعلى مخاوفه، وأصبح نموذجًا ملهمًا في عمر صغير.

فكم ستكون الحياة جميلة حقًا إذا ما آمنا جميعًا أن الوقت الذي نهدره فعلاً هو الوقت الذي نتوقف فيه عن المحاولة، وعن احتضان مخاوفنا وتحويلها إلى دافع للنجاح.

إغلاق

المزيد من المجموعة حياة مليئة بالإمكانيات

المقالات

المجموعات المتشابهة

المزيد من المجموعة

بحث في الموقع

اكتشف المقالات

يوفر Explore Life لك مجموعة متنوعة من المحتويات الفريدة من نوعها مع التركيز على حاسة السمع وأهميتها.