مقال متميز

لحن حياتك الإحساس بالعالم من خلال السمع

إقرأ المزيد آخر تحديث: ديسمبر 2019
Renata Britvec بواسطة Renata Britvec
في المجموعةالموسيقى
مدة القراءة 7 دقيقة

تبدأ رحلتنا السمعية قبل ميلادنا وتنتهي مع أنفاسنا الأخيرة، فبمجرد أن نستطيع السمع تصل إلينا الأصوات وتؤثر في طريقة تفكيرنا وشعورنا وتصرفاتنا، فنحن نميز بعض أنواع الأصوات بوعي بينما نميز البعض الآخر بدون وعي، ويكون لبعض الأنواع تأثير أقوى علينا من الأنواع الأخرى، ولكن جميعها تشكل لحن لحياتنا.

أولى أصوات الحياة

تتميز بدايتنا بحالة من الهدوء الشديد، وفي يوم من الأيام تصل إلينا دندنة ناعمة ومعها تجلب الحب. تشير النتائج الدراسية إلى أن الأطفال الذين لم يولدوا بعد يميزون صوت أمهاتهم منذ الأسبوع السادس عشر من الحمل، وبعد شهر واحد تتكون قوقعة الآذن بشكل كامل، وفي الأسبوع الخامس والعشرين يكتمل الجهاز السمعي، وعندما يتعرض الأطفال للموسيقى في رحم أمهاتهم تزداد معدلات ضربات القلب، بل إنهم يتحركون مع إيقاع الأغنية.

لا يمكننا التوقف عن الاستماع

لقد ولدنا نسمع ولكن ماذا يعني أن نسمع، وما تأثير ذلك علينا؟ فيما يلي شرح سريع لعملية السمع: تنتقل الموجات الصوتية عبر الهواء إلى طبلة الأذن وإلى الأذن الوسطى، حيث يتم تحويلها إلى نبضات كهربائية وتُوجه تلك النبضات إلى مركز السمع في الدماغ حيث يتم معالجتها إلى معلومات.

إن السمع مثله مثل التنفس عملية تلقائية، إذا كنت لا تغطي أذنيك عن قصد أو تعاني من ضعف السمع، فأنت تقوم بمعالجة التأثيرات الصوتية على مدار الساعة وطوال أيام الأسبوع. ولكن نظرًا لكمية المعلومات الهائلة التي تصلك فإنك لا تختار إلا الإشارات الصوتية الأكثر أهمية، ومع هذا يكون للأصوات التي تدركها بغير وعي تأثير قوي.

ما هو تأثير الصوت عليك؟

في أحد فيديوهات تيد-توك ، يحدد جوليان تريجر المتخصص في مجال الأصوات والاتصالات أربعة مستويات يؤثر الصوت بها على الانسان:

علم وظائف الأعضاء

تؤثر الإشارات الصوتية على إفراز الهرمونات والتنفس ومعدل ضربات القلب والموجات الدماغية، فقط فكر فيما يحدث حين تنطلق سرينة الشرطة خلفك: تصبح على الفور في حالة تأهب! يؤثر صوت الأمواج تأثيرًا معاكسًا حيث يعادل تردده الذي يبلغ 12 دورة في الدقيقة تردد تنفس شخص نائم مما يسبب حالة من الهدوء والاسترخاء.

علم النفس

يعتبر تأثير الموسيقى التي سنناقشها بمزيد من التفصيل لاحقًا و أصوات الطبيعة من أقوى التأثيرات النفسية، فعلى سبيل المثال يرى الكثير من الناس أن تغريد الطيور شىء إيجابي للغاية لأنها تدل على الأمان. تم تأكيد حجم تأثير الضوضاء على الحالة النفسية للإنسان من خلال دراسة أجرتها جامعة لوند في السويد عام ٢٠٠٨، وحدد الباحثون في مركز البيئة الصوتية بالجامعة ست آليات نفسية والعديد من الانفعالات التي تُثار في المخ أثناء الاستماع إلى الموسيقى.

الإدراك

يتعرض الإدراك أيضًا لحالات من المعاناة أو الازدهار تحت تأثير الضوضاء: فقد ثبت أن الضجة العامة في المكاتب المفتوحة تؤثر على إدائك الإدراكي تأثيرًا سلبيًا، فمن ناحية يقل تركيزك ومن ناحية أخرى تقل إنتاجيتك، وفي هذه الحالة قد تكون الأصوات الطبيعية اللطيفة أو الموسيقى الهادئة الصادرة من سماعات الرأس ذات فائدة.

السلوك

أخيرًا وليس آخرًا، تحدد الأصوات سلوكك وهي حقيقة تستخدمها شركات الإعلان وتجارة التجزئة من أجل ربحها ومصلحتها. انتبه إلى الموسيقى أو الضوضاء الخلفية في متجرك المفضل في المرة القادمة التي ستذهب فيها للتسوق، وستجد على الأرجح أنها رائعة للغاية.

صوت عالمنا من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب

تعتمد الأصوات و الألحان الخاصة بك ضمن أشياء أخرى على المكان الذي ولدت وأمضيت فيه السنوات الأولى من عمرك. أولاً وقبل كل شيء، الموقع الجغرافي له أهمية: فبينما تدق أجراس الكنائس في أحد أطراف العالم يؤذن المؤذن للصلاة في الطرف الآخر، وفي المناطق الريفية بالنمسا ينتشر خوار الأبقار ونقنقة الدجاج، في حين تميز القرود والنمور والببغاوات المصيحة الضوضاء في الأمازون البرازيلية. تتميز اللغة الألمانية نظرًا لأصواتها الانفجارية، وفي لغة الماندرين لا يهم ما تقول بل المهم كيف تقوله، حيث تحدد النغمات معاني الكلمات.

تتميز الأصوات في المناطق الريفية بأنها أكثر متعة من تلك الموجودة في المراكز الحضرية، حيث يفضل معظم الناس الاستماع إلى النحل الطنان بدلاً من ضجيج المحركات، ولكن لكل مدينة صوتها المميز وتترك بصمتها على جسد وعقل وروح الشخص التى هى بالنسبة له "الوطن". فتكرار صافرات الإنذار في نيويورك على سبيل المثال يختلف عن تكراره في برلين، وتُعتبر صافرات الضباب الموجودة بسفن الشحن اعتيادية بالنسبة للموانئ البحرية مثل هونغ كونغ، كما هو الحال بالنسبة لدقات ساعة بيج بن في لندن.

ما هو صوت منزلك؟

إن البلد أو المدينة التي ينشأ فيها الشخص ليست هي فحسب التي تتميز بخصائص صوتية، بل كذلك المنزل، هل هو منزل خشبي أم مبنى سكني؟ وقد يسبب صرير الألواح الأرضية - في ظل ظروف معينة وخاصة في الليل – المتاعب، ومع ذلك وفي وقت لاحق من حياتك قد تتذكر هذا الصوت المحدد كأنه صوت مرتبط بالعائلة فمنزلك له حياته خاصة به، وقد يعمل صرير الألواح الأرضية كنظام إنذار موثوق به ينبهك إلى زيارة والديك السريعة إلى غرفتك.

يلعب عدد الأشخاص الذين نتشارك معهم مكان المعيشة دورًا مهمًا في سجل القصاصات الصوتية الخاص بنا، وغالبًا ما يذكر الأشخاص الذين نشأوا مع والديهم وأشقائهم وأجدادهم أنهم يشعرون وينامون على نحو أفضل عندما لا يكون الجو هادئًا تمامًا حولهم، فليست الأصوات المميزة فقط مثل طقطقة المكسرات أثناء التجمعات العائلية ونقر إبر الحياكة في حجرة الجدة وخدش القلم على ورق سميك في مكتب الأب هي الأصوات الممتعة لآذاننا، فنحن ندرج حتى الإشارات الصوتية التي تبدو غير مهمة في الحياة اليومية- هواء مجفف الشعر وزمجرة غسالتنا القديمة التهديدية - في المقاطع الصوتية لحياتنا.

مساهمة الضوضاء البشرية في لحن حياتك

تشمل العناصر الأساسية لعالمنا الصوتي أصوات رفاقنا من البشر - سواء بطرق إيجابية أو سلبية لأنها قد تكون مزعجة للغاية، على سبيل المثال، اعتقد سينيكا المنتمي للمذهب الرواقي أن الأصوات والموسيقى لا تطاق لأنها لا تؤثر فحسب على الأذن ولكنها تتخلل الروح. إذا تسبب صوت معين في إثارة لطيفة لروحنا فسيؤدي ذلك إلى رفع روحنا المعنوية طوال حياتنا بمجرد سماعه أو استرجاعه، ومما يبعث على الارتياح أن تتذكر صوت جدك الجهوري والسوبرانو المتألق الصادر عن أمك أو الضحك من القلب مع أفضل أصدقائك في مرحلة الطفولة رغم كل شىء.

© Getty Images

لا لحن بدون موسيقى!

تتألف الحان الحياة من العديد من الألغاز الفردية، ولكن كيف ستكون قائمة التشغيل بدون موسيقى؟

تعد الموسيقى استثنائية - من فلاسفة اليونان القديمة إلى علماء الأعصاب المعاصرين، حاول العديد من الباحثين حل لغزها. وافترض الفيلسوف الألماني آرثر شوبنهاور أن الموسيقى هي صورة الإرادة نفسها، وبالتالي فهي تتحدث إلينا بطريقة يمكن فهمها أكثر من اللغة، وبالمقابل كان فريدريك نيتشه على يقين بأن: "لولا الموسيقى، لكانت الحياة مجرد غلطة".

ماذا يحدث عندما تستمع إلى الموسيقى؟

إنها لحقيقة أن العديد من مناطق الدماغ تنشط في وقت واحد أثناء الاستماع إلى الموسيقى:

  • المهاد (نقل المعلومات، تنظيم النوم)
  • المُخَيخ (المهارات الحركية، عمليات التعلم، العمليات الإدراكية)
  • الحُصَين (نقل الذكريات من الذاكرة قصيرة المدى إلى الذاكرة طويلة المدى والتوجه والانفعالات)
  • اللَوزَة (ربط الأحداث بالانفعالات)
  • قشرة الفص الجبهي (التحكم في الحركة، العمليات الانفعالية، الشخصية)
  • القشرة الجزيرية (الإدراك الحسي، الألم، التوازن، التعاطف)
  • منطقة بروكا (مكون رئيسي في مركز اللغة)

وعلى النقيض من المناطق التي تعالجها اللغة، فهذه هي مناطق الدماغ البدائية التي توجد فيها مراكز التحفيز والمكافأة بالإضافة إلى المشاعر الحقيقة. إن احتمال المكافأة على سبيل المثال، هو الذي يجعلنا نرقص: حيث تتزامن الموجات الدماغية لدينا مع إيقاع الموسيقى ونتوقع دون وعي الإيقاع القادم، وإذا اتضح أن توقعاتنا صحيحة فإن المخ يكافئنا ونريد المزيد. وإجمالاً، يمكن تفسير المتعة التي شعرت بها أثناء الاستماع إلى الموسيقى من خلال حقيقة أن مناطق الدماغ المختلفة تعمل معًا في تناغم وأننا في الحقيقة نواجه تحديًا وتحفيزًا مبهجًا.

الموسيقى تجمّعنا!

حتى الآن لا يزال سر الموسيقى مختلف: الموسيقى هي "لغة المشاعر العالمية" ليست فقط لأنها تثير المشاعر والروابط القوية، فهي قبل كل شيء تربط البشر عبر الحدود، وعادة ما يتفق الأشخاص من خلفيات ثقافية ودينية واجتماعية مختلفة على ما إذا كانت الأغنية حزينة أم مبهجة، وهذه الحقيقة أثبتتها العديد من الدراسات بالرغم من عدم اتضاح السبب إلى الآن.

قوائم أغانى لجميع المواقف

من أوساكا إلى سان فرانسيسكو يوجد لدى كل شخص قائمة التشغيل الخاصة به، وتعكس كل أغنية ذكرى وعاطفة محددة. أنت أيضًا تعتبر منسق الاسطوانات الخاص بك طوال حياتك، حيث تجمع أغاني عن مواضيع مختلفة، فالمقاطع الصوتية الخاصة بك متعددة الجوانب مثلها مثل حياتك العاطفية ففيها الحب والأسى والحنين إلى الوطن والمغامرة والصداقة والشعور بالوحدة. ما يجعل هذا أفضل هو أنه يمكنك مشاركة قوائم التشغيل الخاصة بك مع الآخرين. ربما يكون حبك الأول قد جمع مزيجًا من الأغاني المشتركة المفضلة لكما، أو تكون اعتدت على الجلوس أمام الراديو لساعات لتسجيل أفضل أغاني شبابك من أجل أفضل صديق لك. من المرجح اليوم أن ترسل روابط لاكتشافات موسيقية جديدة إلى عائلتك وأصدقائك الأعزاء.

كيف تصنع اللحن الخاصة بحياتك

ينتهي تأثير بعض الأغاني عليك بمرور الوقت، لكنك ستكتشف أغاني جديدة وتضيفها إلى قائمتك، وستشكل هذه الأغاني جنبًا إلى جنب مع أصوات الطبيعة والأصوات الاعتيادية لوطنك وأصوات الناس والعديد من الأصوات الأخرى لحن وإيقاع حياتك، فأنت تنشيء ألحان حياتك باستمرار أثناء تطورك كشخص. هل احتفظت بأشرطة أو أقراص مدمجة من شبابك؟ إن الاستماع إليها سيذكرك بما كان يهمك وكيف كان شعورك، فمع الألحان الخاصة بك يمكنك دائمًا تتبع المكان الذي تأتي منه وإلى أين ستقودك رحلتك –بشكل فردي وجنباً إلى جنب مع رفاقك من البشر.

السمع يفتح عالمًا جديدًا كل يوم

إن استكشاف أعجوبة السمع والمقاطع الصوتية الفردية ليس أمرًا مسلمًا به، فعلى سبيل المثال، لا تقدم شركة MED-EL حلولًا لفقدان السمع فحسب بل إنها تؤمن أيضًا بجمال الحياة التي تشمل السمع والأصوات وبالتالي تريد رفع مستوى الوعي بهذه المسألة. و لهذا سنقوم كل شهر بصنع محتوى ملهم عن مواضيع عالم الأصوات.
هل تتطلع إلى القيام برحلة مثيرة مليئة بالمغامرات الصوتية؟ إذن اشترك في نشرتنا باللغة الإنجليزية الآن!.

حول السمع

مستعد لتكتشف المزيد عن السمع؟ أكتشف دليل MED-EL التوضيحي لمعرفة المزيد عن كيفية عمل حاسة السمع وعن الأنواع المختلفة من فقدان السمع.

تعرف على المزيد

بحث في الموقع

اكتشف المقالات

يوفر Explore Life لك مجموعة متنوعة من المحتويات الفريدة من نوعها مع التركيز على حاسة السمع وأهميتها.