مقال متميز

لا تخف من المستقبل يخشى الكثيرون ما قد يحدث لهم في المستقبل، ولكن مما ينشأ هذا الإحساس وماذا يمكننا أن نفعل حياله؟

إقرأ المزيد آخر تحديث: أغسطس 2020
Aleksandra Nagele بواسطة Aleksandra Nagele
مدة القراءة 4 دقيقة

يخشى الكثيرون ما قد يحمله المستقبل لهم، من أين يأتي هذا الشعور وماذا يمكن أن نفعل للسيطرة عليه؟

الشك وعدم اليقين هما الدافع الأساسي

تثبت الإحصائيات أنه لا داعي للقلق: ففي سبعينيات وثمانينيات القرن العشرين كان عدد ضحايا الهجمات الإرهابية أكبر بكثير مما هو عليه اليوم، ولقد رأينا في العالم الغربي أطول فترة سلام على الإطلاق. كما توجد العديد من المبادرات التي تحد من أثر التغير المناخي بشكل بطيء ومستمر في نفس الوقت. لم يسبق لنا أن كنا نتمتع بصحة أفضل ولعمر أطول مما نحن عليه الآن، حيث يتم تصميم التطورات في المجال الطبي والتطورات المتعلقة بالرعاية الصحية من النظارات إلى الزرعات السمعية ومنظم ضربات القلب بطريقة توفر لنا حياة أطول وأفضل.

كل هذا ولا تزال هذه الحياة تثير خوفنا، نحن نحافظ على التباعد الجسدي لحماية أنفسنا من فيروسات مجهولة ونتجنب ركوب الطائرات خوفاً من الهجمات الإرهابية ونخاف من الكوارث الطبيعية، حتى أن مخاوفنا الوجودية تمنعنا من مواجهة كل ما كنا نتجنبه حتى ينتهي بنا الحال إلى الشعور بحالة من الإنهاك والإرهاق.

لم تكن حياتنا أفضل من ذلك أبدًا، ومع هذا نتطلع إلى المستقبل ونحن أقل تفاؤلاً، مما ينشأ هذا التعارض؟ وماذا يمكننا أن نفعل حياله؟

العودة إلى المستقبل: المزايا والعيوب

عندما عاد مارتي ماكفلاي "إلى المستقبل" في عام 1985، قاده ذلك إلى عام 2015: فقد كان الناس ينتقلون على ألواح طائرة في الهواء أو في سيارات طائرة، لم تتجسد الكثير من التكنولوجيا التي تصورها الفيلم في المستقبل، ولكن كان لدى صناع الأفلام ولو منذ عدة أعوام رؤية حقيقية واحدة وهي أن: التحول الرقمي والتكنولوجيا التي لا تتوقف عن التطور سوف تغير حياتنا.

لا شك أن الانترنت أحدث التغير الأكبر في حياتنا جميعًا. منذ عامين فقط اقتربت انت ليز Aunt Liz في الولايات المتحدة الأمريكية افتراضيًا وأصبحت فجأة على بعد مكالمة واحدة من تطبيق سكايب، واليوم تسير المركبات المستقلة دون أي تدخل من جانب البشر، كما يسيطر الذكاء الاصطناعي على وظائف روتينية وخطية. ويقدم العالم المرتبط ببعضه البعض الكثير من التطورات الهائلة في مجال الطب. تساعد البيانات الإلكترونية الأطباء على تشخيص الحالات سريعاً وعلاج مشاكل الرعاية الصحية بفاعلية، كما تساعد نظارات الواقع الافتراضي الجراحين على التخطيط لعملياتهم الجراحية بطريقة دقيقة وأدائها بدرجة أقل من الخطورة.

تحمل كل هذه التغيرات فرصاً متميزة: يعتبر العالم بمثابة الصدفة أو المحارة التي نعيش بداخلها أو هكذا يبدو الأمر، لا نحتاج إلى وجود مساعد في المتجر لشراء غسالة، ولا نحتاج إلى تصديق كل ما ينقله موقع "ذا مايتي" The Mighty ووسائل الإعلام إلينا، بالرغم من أننا نفعل ذلك كثيراً دون قصد، نحن نستمتع بالكثير من المزايا ومع هذا لا يزال من الصعب تقييم الأخطار والمخاطر على نحو صحيح.

الإجهاد والضعف

أصبح تعدد المهام أمراً عادياً: فنحن محاصرون بالأخبار والمعلومات كل دقيقة تقريباً مع توافر فرص بسيطة للهرب منها. تضيف وسائل التواصل الاجتماعي ضغوطاً إضافية، فبمجرد أن تحدث أي مأساة أو هجوم إرهابي، تظهر فجأة العناوين الرئيسية في شريط الأخبار الخاص بنا، ولكن لا يتوقف الأمر عند هذا الحد، سواء أعجبك ذلك أم لا، تتوالى مقاطع فيديو حية للواقعة والكثير من الآراء المنقولة بحذافيرها. إن الوقائع التي كنا قبل ذلك نقرأ عنها في الصحف بعد حدوثها بيومين، أصبحت تحدث على الهواء مباشرةً بصورة عالية التباين في الهواتف الموجودة بحوزتنا، وهذا الأمر لا يعتبر بمثابة مفاجأة: فشريط الأخبار المستمر وغير الخاضع لأي عملية تنقيح يقرب مننا أخبار صادمة ويضعنا تحت ضغط. نحن نميل إلى الاستهانة بالأخطار المحتملة دون أخذ الحقائق في الاعتبار.

نشعر بحالة من الضعف: يبدو أن الأفراد لم يعد لديهم أي سيطرة على ما يحدث في جميع أنحاء العالم، وتترك العلاقات العالمية المترابطة التي تتجاوز استيعابنا شعوراً بالاضطراب والقلق. "لا أستطيع فعل أي شيء إزاء ذلك."

يتغير العالم سريعاً وبالكاد نستطيع اللحاق بركابه.

Aleksandra Nagele
إذا فعلت ما تحب فقد وجدت مكانك - مكان أكثر أمان، حتى في المستقبل.
© Getty Images

كيف نجد مكان لنا في المستقبل

1- توقف عن الاستماع تُعد فوكوشيما، الحادي عشر من سبتمبر والوضع العالمي الحالي استثناء من القاعدة: إن رؤية هذه الصور باستمرار يخلق شعوراً بالخطر المستمر. كما أن تذكر الحقائق يساعد على ذلك، كما أنه يساعد على الرجوع خطوة للوراء عن عمد. اغلق جهازك وتوقف عن سماع الأخبار لمدة يومين، وابدأ يومك بدلاً من ذلك بتدوين ثلاثة أشياء تشعر بالامتنان تجاهها، ثم قم بإنهاء يومك بتدوين ثلاثة أشياء سارت على ما يرام بشكل خاص.

2- استمع عن قرب كثيرًا ما يحاول رجال السياسة استخدام حالة قلقنا غير المحددة لصالحهم، فيتحم تحميل الجماعات المستضعفة مثل اللاجئين المسئولية عن تدهورنا الاجتماعي الوشيك، ولهذا يكون من الضروري تحديد المنشأ الذي تنبع منه مخاوفنا، إن مخاوفنا غير المبررة تكون الأكبر عندما نكون على تواصل مع المجهول، إن الحديث مع الأشخاص المعنيين والاستماع إليهم قد يصلح الوضع، وغالبًا ما تعمل المواجهات الشخصية والحوارات على اختفاء المخاوف (التي تكون في الغالب غير مبررة).

3- استمع لنفسك كثيرًا ما يكمن أساس المخاوف الوجودية المستقبلية في مرحلة مبكرة مع دخول المدرسة: علينا أن نسبق الآخرين بخطوة للحصول على وظيفة تمنحنا الأمن الاقتصادي، ولكن العالم العملي الذي تدربنا عليه من قبل سوف يشهد تغيراً هائلاً، فالتحول الرقمي سيقضي على الحاجة إلى العديد من الوظائف وفي نفس الوقت سيخلق حاجة إلى وظائف جديدة، سيصل العقد الاجتماعي إلى نهاية، وسيعفى الزمن عن الوظيفة التي تستمر مدى الحياة، لن نحتاج الوظائف كي تكون مجرد مصدر للمال في حياتنا – "الدخل الأساسي غير المشروط" هو اللفظ الرنان، نحن نسعى إلى إيجاد غاية مما نفعل، والسؤال الهام هو: كيف نريد أن نقضي أيامنا إذا كان من المفترض أن يملأ العمل حياتنا بالمال والغاية؟

لا يتعلق الأمر بالعمل في بيئات عمل من الماضي، بل يتعلق بتشكيل العالم الخاص بنا، وكي نطلق العنان لهذه القوة يجب أن ننصت إلى أنفسنا بمزيد من الاهتمام: دعونا نتحلى بالشجاعة ونتبع مواهبنا واحتياجاتنا الشخصية، فبهذا سنجد المهمة التي نهتم بها، إذا فعلت ما تحب فقد وجدت مكانك – بصرف النظر عما سيحدث، وبالتالي لا يهم ما قد يحمله المستقبل.

بحث في الموقع

اكتشف المقالات

يوفر Explore Life لك مجموعة متنوعة من المحتويات الفريدة من نوعها مع التركيز على حاسة السمع وأهميتها.