مقال متميز

متى تصبح الضوضاء ضارة؟ الحق في أن نسمع ما نريد

إقرأ المزيد آخر تحديث: إبريل 2020
Katherine Diggory بواسطة Katherine Diggory
في المجموعةالصوت
مدة القراءة 5 دقيقة

كلنا نعلم أن الضوضاء قد تصيبنا بأمراض ولكن هل يمكن أن تضر الضوضاء بجودة حياتنا وتطورها؟

الضوضاء صوت غير مرغوب فيه

هذا الأمر يشبه طاسة القلية ولها قطر مناسب حوالي 20 سم من حيث العمق ولها مقبضين كبيرين، ومن باب الفكاهة، قام أحد الأشخاص بعمل لحام للطاسة وأصبحت حامل ثلاثي القوائم وربطها بسور سفينة كبيرة. نحن نتحدث هنا عن جهاز إنذار صوتي طويل المدى يشبه صوت المدفع. وتستخدم شركات الشحن وكذلك حرس الحدود والوحدات البحرية والشرطية أجهزة الإنذار الصوتي طويلة المدى كسلاح غير مميت ضد القراصنة والإرهابين، حيث يُصدر هذا الجهاز سلسلة من الموجات الصوتية على المدى يصل إلى 3100 هيرتز – بحيث تصل إلى الهدف بمستوى ضغط صوتي يصل إلى حوالي 150 ديسيبل، في حين أن المركب الصغير يمكنه أن يصدر موجات صوتية أقل حوالي 120 ديسيبل فقط، وهو المستوى الذي يبدأ عنه الشعور بالألم لدى معظم البشر. ولقد استخدم الجيش الأمريكي مدافع الصوت الشبيه بذلك على مسافات تصل إلى عدة مئات من الأمتار في حرب العراق الثانية لهزيمة مواقع الأعداء وخزاناتهم مما أدى إلى استسلام جيشوهم على الفور بسبب هذا الصوت الذي يصم الآذان، وبشكل شبه روتيني تستخدم السلطات الأمنية في جميع أنحاء العالم أجهزة الإنذار الصوتي طويلة المدى لتفريق المظاهرات العنيفة، ولذا يمكن للمرء أن يدرك فائدة هذا النهج عندما تتمكن السلطات في النهاية من استعادة ''الأمن والنظام'' أثناء فترات الشغب.

ضوضائي

ويوضح أصل الكلمة الألمانية " Lärm" (الضوضاء) هذا الأمر جليًا، فهي مستمدة من الكلمة الإيطالية " all'arme " وهي تعني "إلى الأسلحة" وهي أيضًا بما لا يدع مجالًا للشك أصل لكلمة "إنذار"، فمنذ أكثر من 80 عامًا مضت، قام المفكر كورت توخولسكي بتعريف الضوضاء كـ:" صوت الآخرين"، وإنه لتفكير ذكي، لأن ما نعتقد أنه صوت عالي جدًا يعتمد فقط على مدى علو الصوت الفعلي على مدى محدود للغاية.

النقطة الرئيسية هنا هل نريد أن نسمع هذه الضوضاء أم أننا مضطرين لسماعها. فصوت المدفع عادًة ما يكون مؤلمًا – ولكن هناك أشخاصًا معتادون على سماع 110 ديسيبل في حفلات الأغاني الصاخبة (pop) ويجدون أن ذلك ممتعاً، بينما الجيران على الصعيد الآخر يقومون بالاتصال بالشرطة لانزعاجهم من مستوى صوت أقل من ذلك بكثير. من الواضح أن الضوضاء قد تجعل المرء يصاب بالمرض، على سبيل المثال: تزيد نسبة الإصابة بالنوبات والأزمات القلبية بسبب صوت الطائرات، ولا تعد هذه دعاية من أحد حماة البيئة المناهضين للتكنولوجيا ولكنها حقيقة علمية مثبتة بناٍء على دراسات عدة. اليوم يقوم الأطباء المهنيون بتحديد مستويات التوتر عند 55 ديسيبل، وما يتجاوز ذلك يعد عاليًا للغاية، فالحقيقة إن 55 ديسيبل لا يعد بالصوت العالي ولكنه "صوت الآخرين" هو ما يحدث فرقًا. فهذا أمر نفسي فردي، ولا تعني المعايير الموحدة في هذا الأمر الكثير، كما أعلنت منظمة الصحة العالمية أن الضوضاء هي أحد اكبر مصادر الخطر التي تلي تلوث الهواء.

ما هي الضوضاء؟

جميع الأصوات ما هي إلا ترددات لذا لا يوجد فرق حقيقي بين الضوضاء والأصوات المحبب سماعها.

ولكن الخلاف الحقيقي يكمن في استجابة المستمعين. فالضوضاء ببساطة هي كل صوت لا يحب أن يسمعه المرء، ويطلق خبراء السمع على هذا نية المستمع ، وهذا يعني أن الصوت الواحد يمكن أن يكون أي من هاتين الحالتين أما ضوضاء أما لا بحسب رغبة المستمع.

الأصوات والضوضاء وحاسة السمع لدينا

تقوم حاسة السمع لدينا بمعالجة الأصوات والضوضاء بطريقة خاصة، ومع ذلك إذا أصيب المرء بأي فقدان للسمع، لن تكون المعالجة "الطبيعية" أمرًا ممكنًا بعد ذلك، وهنا تكمن أهمية الزراعة والتي قد تساعد في هذه الحالات، بحيث يعمل الطرف الخارجي للجزء المزروع، المعالج السمعي" على تجميع الصوت أو الضوضاء وتعمل التقنية الخاصة على الحد من الضوضاء، كيف؟ لنبحث معًا.

إعرف المزيد

المزيد من المتعة من لا شيء

هل يحق للمرء أن يتمتع بالهدوء والسكينة؟ ليسمع فقط ما يريد أن يسمعه؟ قد يبدو هذا السؤال غريبًا بعض الشيء لان ثقافتنا قد ارتكزت بشكل كبير على ما هو مرئي على مدار المائة عامًا الماضية وتم تجاهل ما هو سمعي. الصورة والفيلم والفيديو والمنظر المرئي السريع المليء بالألوان المبهجة – وقد كان هذا هو محور القرن ال20، عندما تغني فريق " The Bangles" بـ ""Video killed the Radio Star"" في عام 1979، كانت المهمة قد تمت بالفعل: كان السمع يعد أمراً ثانويًا،. لكن قد حدث تغير جوهري في هذا الأمر في القرن 21، ويعود السبب في ذلك إلى الأضرار الصحية البالغة health بسبب الضوضاء وخاصة في المناطق المتحضرة وفي المدن الكبيرة في العالم والمدن المتضخمة بشدة والتي يتزايد عدد السكان بها بعشرات الملايين، ولقد تنبأ الطبيب الكبير روبرت كوخ منذ 100 عام مضت بأن الضوضاء ستلعب دورًا مماثلًا في المستقبل مثلما لعب "الطاعون والكوليرا" في الماضي وأنه سيتعين على البشرية محاربة ذلك بلا هوادة.

ويعد ما تنبأ به الطبيب كوخ يدل على نظرة مباغتة بعيدة المدى عن الصحة health ولكن الأمر يتعلق برفاهية المرء ووجوده الذي لا غنى عنه ومعرفته.

وفي رائعته سيرة "لندن" أطلق الكاتب الإنجليزي بيتر أكرويد على الفصل الأول منها اسم "ضوضاء المدينة" وقد اتخذ لندن كمثال، ولقد وصف ما كان منطبقًا ولا يزال ينطبق على كل مدينة أي " كانت الضوضاء خاصية رئيسية في كل الأوقات" والتي كانت تشكل ضمن عوامل أخرى غير صحية unhealthy طبيعة للمدينة – وكذلك غير الطبيعية مثل زئير كائن مرعب، ولكن هذا الصوت علامة على الحيوية والقوة"، ويالها من ملاحظة فريدة.

المدن الصاخبة: سرعان ما تصبح مرادفًا للمدن الفقيرة.
© Getty Images

ولقد كانت المدن التي تتسم بالثراء في العصور الوسطى صاخبة، ولقد كانت هناك العديد من الأعمال التي تتم وكثير من التجار ذوي أصوات عالية وأجراس الكنائس ذات صوت مرتفع والعديد من العربات التي تجرها الخيل مما تسبب في إحداث ضوضاء صاخبة في الشوارع. تفاقم الوضع مع عصر الثورة الصناعية بعد ذلك: مطارق البخار، المحركات والآلات التي كانت تملأ جميع الغرف. لا تزال تُبنى مدننا بنفس المبدأ، ولكن الصناعة لم تعد أهم صاحب عمل في الدول المتقدمة التابعة للمنظمة الدولية للتعاون الاقتصادي والتنمية، فالعديد من الناس تعمل بقطاع المعرفة وهذا النوع من العمل يتطلب تركيز. فالعمل المعرفي وأصوات الآخرين قطبان متعارضان لا يلتقيان مثل النار والثلج.

ومنذ سنوات قليلة مضت، أجرى عالم الأعصاب الأمريكي شيللي كارسون تجربة مع تلاميذه. لقد تشكل أحد الفريقين من تلاميذ موهوبين للغاية ومبدعين – الأفضل على دفعتهم – بينما تشكل الفريق الآخر من تلاميذ متوسطي المستوى. تم إحضار الفريقين بداخل نفس الغرفة وتم إسناد مهمة حل بعض المسائل المكتوبة في مجال تخصصهم، وبمجرد أن بدأ الإختبار، بدأت بعض مكبرات الصوت المخفاة بإصدار ضوضاء، بينما تمكن التلاميذ متوسطي المستوى من تقديم حلول متوسطة، فشل التلاميذ المتفوقون فشل ذريع. وبالتالي فإنه يسُهل تشتيت الأذكياء باستخدام الضوضاء، فهم يدركون أكثر ولهذا فهم يستطيعون إيجاد حلول أكثر للأسئلة بدون إجابات ومعرفة المزيد والتوصل إلى العلاقات التي لا يلاحظها الآخرون.

قوة الهدوء

ويمكننا أن نستخلص استنتاجات من هذا: كلما زاد علو الصوت كلما قلت القدرة على التفكير. فتكمن القوة الاقتصادية في الهدوء والسكينة، وفي حالة الضوضاء والصخب لن يتمكن المجتمع القائم على المعرفة من تحقيق أهدافه، فبكل سهولة سرعان ما ستتشابه المدن الصاخبة مع المدن الفقيرة، من حيث انعدام المعرفة وسيترتب على ذلك انعدام الرخاء.

علينا أن نتعلم أن الضوضاء لا تعد أمرًا سهلاً وأن الأفراد الذين يشعرون بالانزعاج من الضوضاء ليسوا من الطبقة البورجوازية، سنحتاج مدن جديدة وسبل نقل مختلفة وبنية تحتية جديدة وهندسة معمارية جديدة لإقامة الحياة وتعزيز المعرفة.

سيُصبح الحق في السمع كما يريده المرء مشروع استثماري عملاق في القرن 21، وسيأتي بالهدوء والنظام لخدمة المجتمع القائم على المعرفة، دعونا نرى نجاح هذه المحاولة.

بحث في الموقع

اكتشف المقالات

يوفر Explore Life لك مجموعة متنوعة من المحتويات الفريدة من نوعها مع التركيز على حاسة السمع وأهميتها.