مقال متميز

أهمية الفكاهة الضحك هو أفضل علاج

إقرأ المزيد آخر تحديث: إبريل 2020
Renata Britvec بواسطة Renata Britvec
في المجموعةالحياة
مدة القراءة 5 دقيقة

يعرف العديد منا الكثير من الأمثال العامة الخاصة بالضحك، فإن جرعة صحية من المرح والفكاهة تساعدنا على التعايش مع الحياة اليومية بطريقة أكثر سهولة وخاصة في الأوقات الصعبة والمليئة بالتحديات، فعندما نمر بيوم شاق سواء على المستوى الشخصي أو في أمور متعلقة بالعمل أو مشاكل صحية، عندها يتضح أهمية الفكاهة والمرح لأنها تكون بمثابة نقطة مضيئة في ليل أسود مظلم، فهي لا تعالج المشكلة في حد ذاتها وإنما تعمل على تخفيض مستويات التوتر لدينا وتساعدنا على رؤية العالم من منظور مختلف.

الفكاهة بين الماضي والحاضر

وفقاً للفلسفة القديمة، كان للفكاهة نصيب قليل من الاهتمام وعادةً ما تكون سلبية إن وجدت، فعلى سبيل المثال، كان أفلاطون ينتقد الضحك كعاطفة تقلل من ضبط النفس وطالب بضبط حازم لكل ما هو كوميدي، وعلى الصعيد الآخر، قام الفيلسوف سينيكا – أحد أتباع المذهب الرواقي – بتعريف الفكاهة على أنها عنصر حيوي للهدوء وقال " أن جميع الأشياء ناتجة عن الضحك إما البكاء" وخلُص قائلاً: " إنه يفضل للمرء أن يضحك للحياة بدلاً من أن يتحسر ندماً عليها".

نشأت على مدار التاريخ ثلاث نظريات رئيسية عن الفكاهة: نظرية التفوق وتعود للفيلسوف أرسطو حيث يقول إنه عندما نضحك نشعر بالتفوق، ودافع شيشرون عن نظرية التنافر/التناقض القائلة بأننا نضحك عندما يؤدي أمراً ما لتغيير منظورنا فجأةً، بينما أيد سيغموند فرويد نظرية التنفيس القائلة بـ: أن الفكاهة تساعد على إذابة التوتر النفسي وإظهار الرغبات المكبوتة.

وفي الماضي القريب، تم توحيد النظريات الثلاث في مفهوم واحد، يكون التركيز على العودة إلى النماذج الأبسط القديمة، وتوضح المقولة الألمانية (الفكاهة هي عندما تضحك في جميع الأحوال) مفهوماً رئيسياً آخر، يقول البروفيسور جينا باريكا، على سبيل المثال أن الضحك يركز على الموضوعات ذاتها مثل الخوف ولا يتجاهلها ولكنه يعمل على تقوية قدراتنا على مواجهتها."

دور الفكاهة في مخ الإنسان

وللوصول إلى فهم أكثر عمقاً عن دور الفكاهة في حياتنا للتغلب على أكثر المواقف تحدياً، فإنه يجدر بنا النظر في النفس الداخلية لكل منا، تتفق الدعابة والفكاهة مع توقعاتنا بشكل عام، فنحن نرى موقفاً ما أو نسمع شيئاً ما ونفترض كيفية تطور الموقف، فتأتي الدعابة وتباغتنا بالتقليل، في أحسن الأحوال، من توقعاتنا.

يسمح لنا الجانب الأيسر من جذع المخ الخارجي بفهم الدعابة، إذا وصلتنا الرسالة، يُصبح النظام الحوفي نشط، مثل: المنطقة التي يتم معالجة المشاعر بها في المخ، وتقوم عقب ذلك لوزة المخيخ بإرسال إشارات لنا بأن ذلك يسعدنا، وبناءً على مدى استمتاعنا، تقوم محطة الضبط بالمخ الخاصة بإطلاق المشاعر بإرسال إشارة إلى الأحبال الصوتية والغشاء وعضلات الوجه – ونضحك.

ويستهدف الضحك عمليات أخرى في أجسامنا: فمن ناحية، فهي تعمل على تقليل مستوى هرمونات التوتر مثل الكورتيزول وكذلك الأدرينالين، ومن ناحية أخرى، عندما نضحك، تنبعث هرمونات السعادة مثل إندورفينات ودوبامين، فالفكاهة تساعدنا على ضبط التوتر بشكل أفضل وتجعلنا نشعر بأننا أكثر سعادة بشكل عام.

أثبتت الدراسات أن: الفكاهة مفيدة!

أكدت العديد من الدراسات على التأثير الإيجابي للفكاهة على صحتنا وسعادتنا، على سبيل المثال، نشرت الجامعة النرويجية للعلوم والتكنولوجيا في ٢٠١٠ دراسة توضح أنه يمكن للفكاهة أن تطيل العمر، ولقد قام العالم سفين سفيبك بعمل اختبارات ل٥٠٠٠٠ مواطن نرويجي على مدار أعوام عديدة وتوصل إلى أنه كلما كان المشاركين في الدراسة من الأشخاص الأكثر فكاهة كانوا أقل عرضة للإصابة بالأمراض وأنهم يحظون بفرصة أن تطول أعمارهم بحوالي ٢٠% في المتوسط.

في عام ٢٠١٤، أجرت مستشفى روبرت بوش في شتوتغارت دراسة على مرضى القلب، مارس المرضى على مدار سبعة أسابيع أن يكون رد فعلهم للمواقف العصيبة باستخدام الفكاهة بدلاً من المشاعر السلبية مثل الغضب، وفي هذه الأثناء، قاموا بمليء استبيان عن التوتر وتم قياس مستويات الكورتيزول، وأوضحت النتائج أن التدريبات على ممارسة الفكاهة أدت إلى تقليل مستويات التوتر لدى المرضى بشكل ملحوظ.

ولقد نشرت نتيجة دراسة ثلاثية الأجزاء عن تأثير الفكاهة على أحداث الحياة المليئة بالضغوط مع تحديد تبعاتها النفسية في نشرة علم النفس السيكولوجي والاجتماعي في ٢٠١٧، ولقد تم اختبار مرضى التهاب العظام والعضلات ممن يعانون من ألم مزمن وعدم انتظام النوم وآثار نفسية جانبية في الجزء الأول من الدراسة، أما بالنسبة للجزء الثاني فلقد أجريت الاختبارات على الطلبة الذين يواجهون مواقف بها توتر بشكل عام وفي الجزء الثالث من الدراسة أجريت الاختبارات على الطلبة الذين عاصروا أحداث ٩ \١١، ولقد أوضحت النتائج كلها أن الفكاهة قد ساعدتهم على التعامل بشكل أفضل مع الموقف الذي يتعرضون له ومكنتهم من إعادة تقييمه، كما أضاف المشاركون في الدراسة أنهم تحسنوا بفضل مساندة زملائهم.

كيف يمكن للطب الاستفادة من تأثير الفكاهة

بإيجاز شديد، تعمل الفكاهة على تقليل مستويات التوتر وتساعدنا على التعامل مع المواقف المليئة بالضغوط بمنظور مختلف وتدعم التفاعل الاجتماعي، فهي جيدة لتقوية جهازنا المناعي وذاكرتنا وتجعلنا سعداء، وفي وقتنا الحاضر، يستغل الطب هذه الآثار الإيجابية: الأطباء المهرجون قادرون على جعل المرضى بالمستشفيات الصغيرة يضحكون ويمكن للضحك أن يعرف الطريق مرة أخرى للمرضى المصابين بالاكتئاب من خلال تدريبات الفكاهة على سبيل المثال، في العلاج النفسي مع البروفيسور الألماني باربرا ويلد.

وعلى الرغم من جميع الجوانب الإيجابية، فيعد الحذر و معرفة الوقت المناسب لاستخدام الفكاهة أو التصرف بدونها عند الضرورة أمراً مهماً ، في حالة أن يتم تشخيص فرد ما بتشخيص سلبي، تنطلق دعابة تلقائية في المقام الأول، وبالعكس الفصام يمكنه أن يسرق قدرة الفرد على فهم الدعابة على الإطلاق، ولذا فإن التعامل مع الفكاهة بحذر يعد أمراً حيوياً.

يمكن أن يكون للفكاهة آثار سلبية

ليس لكل شكل من أشكال الفكاهة أثار إيجابية علينا، استطاعت الأبحاث أن تميز بين أربعة أنواع لها: التواصل – الدعم الذاتي – الغضب – الفكاهة الانهزامية للذات، يهدف النوعان الأولان إلى الترفيه عن المحيطين بالفرد وعن ذاته وتعزيزهم، بينما يهدف النوعان الآخران للاستخفاف والاستهزاء بالذات وبالآخرين، ولذا فهما يجلبا الألم والسلبية على عكس النوعين الأولين من الفكاهة بحيث يمكنهما إرشادنا ومساعدتنا في التعامل مع الحياة اليومية والأزمات بشكل أفضل.

في حالة وقوع مكروه، ينبغي أن نسأل أنفسنا، هل سيمكننا الضحك عليه بعد مرور ثلاثة اشهر من الآن؟
© Getty Images

كيف يمكنك تنمية حسك الفكاهي

هناك الأخبار السارة للأفراد الذين يشعرون بأنهم فقدوا القدرة على الضحك: الفكاهة يمكن ممارستها، وخاصة أن للفكاهة طرقاً عدة، ولا يتعين أن تكون دوما ضحكاً صاخباً، فيكفي ابتسامة صغيرة بمثابة ضوء بسيط في يوم مظلم.

ولقد قال الكاتب مارك توين ذات مرة: " إن الفاكهة هي تراجيديا زائد الوقت"، وهي نصيحة جيدة ينبغي اتباعها حيث أنها عادةً ما تساعد على تغيير منظور الفرد ومحاولة البحث عن أي أمر مرح، على سبيل المثال، يمكنك أن تسأل نفسك: ماذا يحدث لي الآن – هل سأتمكن من الضحك على هذا الأمر بعد مرور ثلاثة أشهر من الآن؟ واحتمالية أخرى هي أن تتخيل عدم وقوع هذا المكروه لك ولكن لشخص آخر، وبالطبع فإن ذلك ينطبق فقط على الأمور البسيطة ولكن إذا ما تزحلق شخص ما على قشرة موز، فنحن نضحك وفقاً لنظرية التفوق النابع من حس فكاهي يتسم بالسخرية المحضة.

فكر في الأشياء التي تجعلك تضحك ومع من تضحك! كذلك فكر في الأمور التي لا تجدها مرحة، فعلى الأرجح أنك تتذكر دعابات أو أفلام أو مواقف تجعلك تضحك، فيمكنك حينئذ استرجاعها وإدخالها في حياتك اليومية: مثل مشاهدة فيلم كوميدي لم تشاهده منذ فترة طويلة أو يمكنك قراءة بعض الفصول من رواية كوميدية، فقنوات التواصل الاجتماعي غنية بالمحتوى الفريد الجاذب عالي الجودة و مليئ أيضاً بفيدسوهات القطط المضحكة – لذا يمكنك مشاهدة فيديوهات الحيوانات المضحكة إذا كنت تستمتع بخفة ظلهم.

وأخيراً وليس أخراً: تصرف كما و لو أنه! أوضحت دراسات الجهاز العصبي أن الابتسامة تسبب العديد من التفاعلات الكيميائية في المخ، وهذا يؤدي إلى تحفيز وإفراز هرمونات السعادة السيروتونين والدوبامين وبالتالي تحسين المزاج، فكلما كنت إيجابياً كلما شعرت بالفكاهة في الأشياء، أو يمكنك تصنُعها لحين أن تصبح حقيقة!

إغلاق

المزيد من المجموعة الحياة

المقالات

المجموعات المتشابهة

المزيد من المجموعة

بحث في الموقع

اكتشف المقالات

يوفر Explore Life لك مجموعة متنوعة من المحتويات الفريدة من نوعها مع التركيز على حاسة السمع وأهميتها.